تكييفات الهواء؛ التي تُعد رفاهية في بعض المناطق حول العالم، لكنها أصبحت ضمن الاحتياجات الضرورية للكثير من الفئات السكانية؛ خاصة سكان الغابات.. ما السبب؟
ازدادت وتيرة حرائق الغابات خلال السنوات الماضية، ومن أبرز العوامل المساهمة في تلك الكوارث، الاحتباس الحراري. ووفقًا لـ"الصندوق العالمي للطبيعة" (WWF)؛ فهناك نحو 300 مليون إنسان يعيشون في الغابات، من بينهم 60 مليون من السكان الأصليين، ما يعرّض أهل الغابات من البشر إلى مشكلات صحية مثل أمراض في الجهاز التنفسي عند تعرضهم لجسيمات الدخان الدقيقة؛ نتيجة الحرائق التي هم معرضون لها في أي وقت.
وتأتي تلك المخاطر بدرجات متفاوتة بين البشر بناءً على عدة عوامل، من ضمنها: العمر، والعرق، وإمكانية الوصول إلى تكييفات الهواء، وهذا ما أشارت إليه دراسة أجرتها مجموعة بحثية في جامعة بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية، ونشروا دراستهم في دورية "إنفيرونمنتال ريسرش: هيلث" (Environmental Research: Health) في 11 ديسمبر/كانون الأول 2024.
مسح شامل
أراد الباحثون تقييم الحالة الصحية للبشر الذين يعيشون في مناطق الغابات، لذلك استخدموا بيانات خاصة بالرعاية الصحية؛ لتقييم أكثر من 50 ألف زيارة لقسم الطوارئ خلال مواسم حرائق الغابات بين عامي 2012 و2019 في كاليفورنيا الشهيرة بحرائقها التي تندلع بانتظام بين مايو/أيار إلى نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام. وقيّموا الآثار الصحية للتعرض لجسيمات الدخان الدقيقة للمشاركين في الدراسة.
تكييف الهواء ضرورة
أظهرت الدراسة وجود ارتباط وثيق بين دخان حرائق الغابات وزيادة معدلات زيارة قسم الطوارئ لعلاج المشكلات الصحية المتعلقة بالجهاز التنفسي. وهذا ما أشارت إليه الأبحاث السابقة أيضًا. لكن المميز في هذه الدراسة، هو أنّ الباحثين نصبوا تركيزهم على عوامل محددة، منها العمر، وبالفعل وجدوا أنّ الزيارات الأعلى لقسم الطوارئ كانت خاصة بالأطفال تحت سن العاشرة، كذلك لاحظوا زيادة أعداد البالغين الزائرين للطوارئ ممن تتراوح أعمارهم بين 20 و74 عامًا.
من ضمن العوامل الأخرى التي ركز عليها الباحثون، هي العرق؛ إذ وجدوا أنّ السكان أصحاب البشرة السوداء، هم الأكثر زيارة للطوارئ. وهذا لا يمنع أنّ نسبة زيارة اللاتينيين والآسيويين وأصحاب البشرة البيضاء بمعدلات مرتفعة أيضًا.
وبرز عامل ثالث لدى الباحثين، وهو تكييفات الهواء؛ إذ يبدو أنّ تكييفات الهواء -التي تُعد رفاهية في بعض المناطق حول العالم- هي بالفعل احتياج للكثير من الفئات السكانية، خاصة سكان الغابات؛ إذ وجد الباحثون أنّ الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي لا تتوفر فيها أعداد كافية من التكييفات الهوائية، يواجه سكانها خطرًا أكبر بنسبة 22% مقارنة بالفئات السكانية الذين تتوفر لديها التكييفات الهوائية. يرجع ذلك إلى أنّ التكييفات تعمل كأداة لتصفية الملوثات والجسيمات الدقيقة لدخان الحرائق التي يزيد حجمها على 0.3 ميكرومتر.
وما زالت هناك العديد من الفئات السكانية في الغابات لا تتوفر لديها تكييفات الهواء، والتي صارت ضرورة وليست رفاهية؛ للحفاظ على صحتهم ضد تبعات حرائق الغابات.